قوله تعالى: {أولئك لم يكونوا معجزين في الأرض} قال ابن عباس: لم يُعجزوني أن آمر الأرض فتُخسف بهم. {وما كان لهم من دون الله من أولياء} أي: لا وليِّ لهم ممن يعبدون يمنعهم مني. وقال ابن الأنباري: لما كانت عادة العرب جارية بقولهم: لا وزَرَ لك مني ولا نَفَق، يعنون بالوزر: الجبل، والنفق: السرَبَ، وكلاهما يلجأ إِليه الخائف، أعلم الله تعالى أن هؤلاء الكافرين لا يسبقونه هرباً، ولا يجدون ما يحجز بينهم وبين عذابه من جميع ما يستر من الأرض ويُلجأ إِليه. قال: وقوله: {من أولياءَ} يقتضي محذوفاً، تلخيصه: من أولياءَ يمنعونهم من عذاب الله، فحذف هذا لشهرته.قوله تعالى: {يضاعَف لهم العذاب} يعني الرؤساء الصادِّين عن سبيل الله، وذلك لإِضلالهم أتباعهم واقتداءِ غيرهم بهم. وقال الزجاج: {لم يكونوا معجزين في الأرض} أي: في دار الدنيا، ولا لهم ولي يمنع من انتقام الله، ثم استأنف {يضاعف لهم العذاب} لعظم كفرهم بنبيه وبالبعث والنشور.قوله تعالى: {ما كانوا يستطيعون السمع} فيمن عني بهذا قولان:أحدهما: أنهم الكفار. ثم في معناه ثلاثة أقوال:أحدها: أنهم لم يقدروا على استماع الخير، وإِبصار الحق، وفعل الطاعة، لأن الله تعالى حال بينهم وبين ذلك، هذا معنى قول ابن عباس، ومقاتل.والثاني: أن المعنى: يضاعف لهم العذاب بما كانوا يستطيعون السمع ولا يسمعونه، وبما كانوا يبصرون حُجج الله ولا يعتبرون بها، فحذف الباء، كما تقول العرب: لأجزينَّك ما عملت، وبما عملت، ذكره الفراء، وأنشد ابن الأنباري في الاحتجاج له:نُغالي اللحمَ للأضياف نيِئا *** ونبذُله إِذا نضِجَ القُدورُأراد: نغالي باللحم.والثالث: أنهم من شدة كفرهم وعداوتهم للنبي صلى الله عليه وسلم ما كانوا يستطيعون أن يتفهموا ما يقول، قاله الزجاج.والقول الثاني: أنهم الأصنام، فالمعنى: ما كان للآلهة سمع ولا بصر، فلم تستطع لذلك السمع، ولم تكن تبصر. فعلى هذا، يرجع قوله: {ما كانوا} إِلى أوليائهم، وهي الأصنام، وهذا المعنى منقول عن ابن عباس أيضاً.